ابو دخيل
عدد الرسائل : 151 تاريخ التسجيل : 26/04/2011
| موضوع: الزوبعة 2011-10-11, 21:22 | |
| الزوبعة شعر الدكتور مانع سعيد العتيبة
هَلْ ظَلَّ لِلحكَماءِ فيكِ مَكانُ
أَمْ فيكِ مَزَّقَ سِفْرَهُ لُقْمَانُ
يَا أَرْضَ رامَ اللهِ إنَّ قُلوبَنا
مَاتَتْ فَلا نَبْضٌ وَلا خَفَقَانُ
يَا قُدْسُ، يا نابُلْسُ إِنَّ عُيونَنَا
كَفَّتْ فَنَحْنُ جَميعُنا عُمّيَانُ
يَا بَيْتَ لَحْمَ وَبَيّتَ جَالا كُلُّنَا
مَوْتى، وَذُلُّ سُكوتِنا أَكفَانُ
لكَنْ كَما وُلِدَ المَسيحُ عَلَى ثَرَى
أَرْضِ القَداسةِ يُولَدُ الفُرسَانُ
هُوَ ذَا المَخاضُ فَيا فِلسطينُ ارْتَدي
ثَوْبَ الدِّماءِ لِيُولَدَ الإِنّسَانُ
لَمْ يَبْقَ فيكِ لِحِكْمَةٍ بَيْتٌ فَقَدْ
هَدَمَ البُيوتَ جَميعَهَا العُدْوانُ
مَا ظَلَّ إِلاَّ القَبْرُ عُنْواناً لِمَنْ
مَا عَادَ في الدُّنْيا لَهُ عُنْوانُ
فَإِذَا غَدَتْ فيكِ القُبورُ مَسَاكِناً
فَعَلامَ يَرْجُو الحِكْمَةَ السُّكَّانُ
وَمَنِ السَّعيدٌ؟ أَمَنْ يَموتُ بِعزَّةٍ
أَمْ مَنْ يَعيشُ وَفي الحَيَاةِ هَوَانُ؟
هُوَ ذَا السُّؤَالُ وَقَدْ أَجَابَ بِحِكْمَةٍ
بِالأَمْسِ عَنْهُ حَكيمُنا مَرْوَانُ
ذَاكَ الَّذي كُنْتِ الحَبيبةَ عِنْدَهُ
وَالحُبُّ يُشْعِلُ نَارَهُ الحِرْمَانُ
هُوَ يَا فِلسْطينُ الحَكيمُ برَفْضِهِ
أَنْ يَسْتَمِرَّ اَلظُّلْمُ وَالطُّغْيَانُ
وَمَنِ الَّذي يَرْضَى الحَياةَ بِذِلَّةٍ
إِلاّ غَبيٌّ عَاجِزٌ وَجَبَانُ
مُنّذُ الطُّفولةِ كانَ يحْلَمُ أنْ يَرى
وَطَناً يَقُومُ لَهُ عَلَيْهِ كِيَانُ
في حِضْنِ فَتح شَبَّ مَرْوَانٌ وَقَدْ
شَبَّتْ بِهِ في حُبِّكِ النِّيرانُ
لَبَّى نِداءَكِ عَاشِقاً وَبِمِثْلِهِ
مِنْ عَاشِقيكِ تُحَرَّرُ الأَوْطَانُ
سَجَنُوهُ أَعْواماً فَمَا لانت لَهُ
يَوْماًَ قَناةٌ أَوْ وَهَى إِيمَانُ
وَالسِّجْنُ عَلَّمَهُ الصَّلابَةَ في الهَوى
فَفُؤادُهُ الفُولاذُ وَالصُّوَّانُ
بصُمُودِهِ نَشَرَ المَهَاَبةَ حَوْلَهُ
وَكَأَنَّهُ في سِجّنِهِ السَّجَّانُ
حَتَّى إِذَا نَادَى السَّلامُ وَقادَهُمْ
يَوْماً لِميناءِ الحِمَى الرُّبَّانُ
مَرْوَانُ عَادَ بِغُصْنِ زَيْتُونٍ وَلَمْ
يَخْذِلْ نداءَ القائِدِ الشُّجْعانُ
وَإِلى البِناءِ مَضَى يُجَمِّعُ شَمْلَ مَنْ
بفِدائِهِمْ يُحْمَى الحِمَى وَيُصَانُ
لكِنَّ حُلْمَ الدَّوْلةِ الأملِ انْتَهَى
وَتَهَدَّمَتْ في أَرْضِهَا الأَرْكانُ
عَادَ الغُزاةُ إِلِيْكِ عَوْدَةَ غَادِرٍ
وَانْزَاحَ عَنْ أَرْضِ السَّلامِ أَمَانُ
صَرَخَتْ مَسَاجِدُنا كَنائِسُنا فَما
سُمِعَ الصُّراخُ وَصُمَّتِ الآذانُ
مَرْوانُ هَبَّ مُلَبِّياً مَا هَمَّهُ
زَحْفُ الغُزاةِ كَأنَّهُمْ غِيلانُ
أَسَرُوهُ فَامْتَشَقَ الإِباءَ تَحَدِّياً
وَكَأنَّهُمْ في عَيْنِهِ الجُرْذانُ
مَرْوَانُ يا صَوْتَ الضَّميرِ لأُمَّةٍ
نَعَقَتْ عَلَى أطْلالِهَا الغرْبَانُ
الحُرَّ أَنْتَ وَنَحْنُ أَسْرَى خَوْفِنا
وَالعِزُّ أَنْتَ وَنَحْنُ قَوْمٌ هَانُوا
مَا غَابَ الاطمِئْنانُ عَنْ عَينَيْكَ بَلْ
عَنْ كُلِّ عَيْنٍ غَابَ الاطْمِئْنَانُ
أَنْتَ الأسيرُ؟ أَمَ اَنْتَ أَنْتَ أَسَرّتَهُمْ
لَمْ تَدْرِ أَيْنَ أَسيرُهَا القُضْبَانُ
أَنْتَ الأَسيرُ؟ نَعَمْ وَلكِنْ آسِرٌ
لِمَشاعِرٍ في فَيْضِها الطُّوفَانُ
مَرْوَانُ قَيْدُكَ فَجْرُ نَصْرٍ قادمٍ
في بِشْرِهِ تَتَبَدَّدُ الأَحْزَانُ
الدَّوْلَةُ الأَمَلُ الحَبيبَةُ لَمْ تَزَلْ
طِفْلاً تُخَبِّئُ مَهْدَهُ الأَجْفَانُ
سَتُطِلُّ حَتْماً في فِلسْطينَ التَّي
تَحْيَا بِسِجْنكَ أَنْتَ يَا مَرْوَانُ | |
|